عفو ملكي بمناسبة عيد العرش: بادرة إنسانية لتكريس قيم الرحمة وتقليص الاكتظاظ السجني

بمناسبة تخليد الذكرى المجيدة لعيد العرش، أصدر الملك محمد السادس، نصره الله، عفوه السامي عن مجموعة من الأشخاص، بينهم معتقلون وآخرون متابعون في حالة سراح، صدرت في حقهم أحكام قضائية من مختلف محاكم المملكة.

وشمل العفو الملكي هذه السنة ما مجموعه 2415 شخصاً، إلى جانب 17.258 مستفيداً إضافياً ضمن إطار عفو استثنائي تم وفق معايير دقيقة، وهو ما اعتبره عدد من المتابعين خطوة ذات أبعاد إنسانية عميقة تجسد الرعاية الملكية المستمرة لهذه الفئة من المواطنين.

ويرى متابعون للشأن العام أن هذا القرار، الذي دأب الملك على اتخاذه في مثل هذه المناسبات الوطنية، يعكس بشكل جلي روح الرحمة والتسامح التي تطبع السياسة الجنائية في المغرب، حيث لا تُختزل العقوبة في بعدها الزجري، بل تُقرَن بحق الأمل في الإصلاح والعودة إلى المجتمع.

ويؤكد محللون أن العفو الملكي يتجاوز بُعده الرمزي، ليعكس حرصاً ملكياً متواصلاً على الاهتمام بالفئات الهشة داخل المجتمع، من مرضى ومسنين ونساء حوامل أو أمهات بصحبة أطفالهن داخل المؤسسات السجنية، بما يكرس النظرة الاجتماعية والإنسانية في تدبير الشأن القضائي والسجني.

كما يشكل هذا العفو الاستثنائي استجابة عملية لإشكالية الاكتظاظ داخل السجون المغربية، من خلال التخفيف من عدد النزلاء وتحسين ظروف إيوائهم، بما ينسجم مع الجهود الرامية إلى تعزيز الأمن داخل هذه المؤسسات وصون كرامة السجناء وضمان حقوقهم، مع تمكينهم من فرص فعلية لإعادة الاندماج في المجتمع.

وفي السياق ذاته، يرى مختصون أن الرسالة الأبرز لهذا القرار تتمثل في دعوة واضحة إلى تسريع وتيرة تفعيل البدائل القانونية للعقوبات السالبة للحرية، في اتجاه إرساء سياسة جنائية متوازنة، أكثر إنصافاً وإنسانية، تقوم على الإصلاح بدل العقاب، وعلى الاندماج بدل الإقصاء.

إن العفو الملكي بهذه المناسبة الغالية ليس مجرد إجراء تقليدي، بل هو محطة سنوية لترسيخ قيم الرحمة والتسامح، وتأكيد الدور الاجتماعي للسلطة الملكية في تعزيز التماسك المجتمعي وبناء عدالة قائمة على الإنصاف وإعطاء الفرص الجديدة.